الاثنين، مايو 09، 2011

ثورة الامة .. وحقيقة النصر


كنا بالأمس غير البعيد نردد كلماتٍ وجملاً ، تحمل بين طيَّات حروفها معاني عظيمة ، ومضامين ضخمة ، بلغت عظمة تلك الجمل وضخامة معانيها إلى حدٍ جعل الكثير منا – إن لم يكن جميعنا – يراها حلماً بعيد التحقق ، وسراباً يلوح في الأفق البعيد .
كنا نردد ونقول  ’’ مهما طال الليل لابد من طلوع الفجر – يا أمتي صبراً إن بعد العسر يسراً – دولة الظلم ساعة -  ’’ ... وغيرها الكثير .
كنا نردد هذه الكلمات وأمثالها : بلسماً نطبب به جراحنا الغائرة ، حين نجلس فنتذاكر حال أمتنا العربية والإسلامية ، وما آلت اليه من تأخر وفقر .. ومذلة وتفرق ..
كنا نتدرع بهذه - السنن الكونية – من سهام اليأس التي تلقى من كل حدب وصوب تجاه أحلامنا الجميلة ، وآمالنا المثالية
- حين كنا نسمع صرخات الثكالى في العراق ،، وأنَّات العذارى في فلسطين ،، واستغاثات الشيبان في أفغانستان ....
- حين كانت تقضُّ مضاجعنا – طَرَقَاتُ زوَّار الفجر – مفسدي أمن الدولة ،، يروعون أطفالاً ونساءً ،، وشيباً وشباناً ..
- حين كنا نرى بأعيننا تولية المفسد على المصلحين ،، وتكريم الخائن دون المؤتمنين ،، وتسليم زمام أمورنا للرويبضة المخربين ..
حينئذ كنا نكفكف الدمع ،، ونصبَّر القلب ،، ونقوي الجسد ،، بترداد هذه الكلمات .. والتغني بهذي السنن والآيات ..
ورغم أننا كنا بها موقنين ،، وبصدقها واثقين ،، إلا أنه كثيراً ما كان ينتابنا الشك في أن نرى يقظة ضمير الأمة ، ونعايش هبَّة أبناءها ، وتكتحل أعيننا برؤية بشائر نصرها .
لكن – ولله الحمد وحده – يأبي الله إلا أن يثبت لنا وللجميع أن قدرته نافذة ، وقوانينه ماضية ، وسننه لا تتغير..
(فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً ) 43 فاطر.
يأبى الله خير الماكرين إلا أن يخيب مكر المفسدين ، ويحيق المكر السيئ بأهله السيئين (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) الانفال
لقد جاءت هذه الاحداث المتوالية المتتالية لتنبه الكثير أن ( الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) فحينما انتفضت الامة وتحركت للتغيير كان حقاً على الله ألا يخلف وعده .
لكن الحذر الحذر :
يا أمة العروبة والاسلام ،، احذروا كل تجزئة للنصر ،، أو تقزيم للمطالب ، فلسنا نرى مثل هذه الثورة لأجل لقمة نظيفة ، أو لبسة شريفة ، أو مسكن واسع ، أو مركب هنيئ ، فحسب ، كلا والله ولئن قصرت أنظارنا حتى توقفت عند هذا الحد أو اتخذته هدفاً أصلياً فلبئس الامم نحن ،ولبئست الثورة ثورة الجياع .
لكنه النصر العظيم إن كان لهدف عظيم ، فلتعلوا همتنا ،، ولترتقي أهدافنا .
إن أمتنا أمة عظيمة ، وإن أسوأ ما أصابها أن تفرق شملها ،، وتشتت جمعها ،
وإن الأمة العظيمة لا يليق بها إلا أن يكون هدفها عظيماً ، فلتكن ثورتنا بداية ثورة أمة بأكملها ، لا ثورات أقطار متناثرة ذات أهداف متغايرة ، بل نريدها ثورة أمة تسعى لاسترجاع مكانتها العالية ، ورتبتها الرفيعة ، ومنزلتها السامية .
إن النصر الحقيقي يوم أن تنتصر الأمة كلها في التحرر من طغمة الفاسدين الذين خذلوا ابناءها وقذَّموا دورها ، وكرسوا تبعيتها ،
إن النصر الحقيقي يوم أن يجتمع شمل أمتنا على قلب رجل وواحد ، وتحت راية واحدة ، حينها نستطيع أن نظهر للعالم عدل الاسلام وحرية الاسلام ورخاء العيش في رحاب الاسلام .
وهذا النصر طريقه طويلة  وثمنه غال وتحقيقه يحتاج للكثير :
- يحتاج منا أولا وقبل كل شئ إلى صلة بالله تعالى متينة ، وثقة به واسعة ، وتوكلاً عليه جميلاً .
- يحتاج منا همة عالية ، لا ترضى بالدون أو تقنع في سبيل إرضاء ربها بالقليل .
- يحتاج منا الى يقظة متناهية ، واستحضاراً دائما لما عليه الواقع وما يحتاجه من متطلبات .
- ويحتاج منا إلى لُحمة ووحدة – خاصة في صف العاملين للإسلام – تقوي الصف وتقدر على تحمل تبعة المرحلة .
- ويحتاج منا اخيراً الى جهاد متواصل يحدوه العلم  الواسع ، ويقوده الفهم الصحيح ، وتزينه البصيرة المستنيرة .
(( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم ))