الأربعاء، يوليو 27، 2011

الصومال .. بين مطرقة الفقر .. وسندان التنصير ..

أحقاب متتالية .. والصومال - بل الكثير من دول أفريقيا - تعاني مرَّ الجوع والعطش ،


الى جانب معاناتها نار الحروب والانقسامات ..


ليست القضية قضية عام 2011 ، كلا بل هي قضية أزمنة متطاولة ماتت فيها أعداد 


رهيبة ، و ( كفر ) أثناءها من كفر بعد أن اضطروا لبيع دينهم والانسلاخ منه لأجل


 لقمة تقيم الأود ، وشربة تذهب ظمأة الموت ..




كم كان ثمن هذه اللقمة وتلك الشربة باهظاً غالياً ،، لقد كان ثمنها التسمية بيسوع بدلاً 


من اسم الله ، والتثليث بدلاً من التوحيد .. 

وحسب معلومات موثقة، عرضها موقع (طريق الايمان) الالكتروني، فان هناك حوالي 24580 منظمة تنصيرية في العالم، أكثرمن عشرين ألف منها تغلف نشاطها التنصيري بالخدمات العامة مثل التعليم والعلاج. ويعمل في هذه المنظمات حوالي 273770 منصر ومنصرة، تفرغو للعمل خارج المجتمعات المسيحية. وهناك 1900 محطة تبشيرية تبث برامجها الى أكثر 100 دولة، وبلغاتها المحلية. ويتلقى المنصرون تبرعات سنوية قد تصل الى 150 مليار دولار. وقد  خصص مؤتمر روما عام 1993 ميزانية أولية قدرها 5.3 مليارات دولار لأجل نشر المسيحية في إفريقيا، ويأتي أغلب هذه الأموال من الحكومات، والشركات، والأفراد الغربيين، بل ومن المسلمين الذين يتم خداعهم لأجل المساهمة في التبرعات التي تقدم للمستهدفين باسم الصليب الأحمر والمنظمات التنصيرية الأخرى.

ولأن افريقيا يتوفر فيها مثلث : الفقر - الجهل - الفوضى السياسية والصراع المسلح ، فهي تمثل مرتعاً خصباً لذوي الأغراض الدنيئة الوضيعة من المنصرين والمنصرات 
كما أن استغلال الأزمات التي لا تتوقف عن التوالي على القارة السوداء (أفريقيا ) بالدعم المالي السخي والتسلل تحت مسميات كاذبة كالاعمال الاغاثية والعلاجية وغير ذلك من الدعاوي يسهل على هؤلاء تحركهم والوصول الى مبتغاهم ، 

لكن ولله الحمد ( ان الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا الى جهنم يحشرون ) سورة التوبة .
فرغم انهم يبذلون مجهودات جبارة ، وينفقون مليارات كثيرة إلا ان الفشل حليفهم ، لذلك تحرص المنظمات التنصيرية على نشر أرقام مزيفة عن أعداد ضخمة يتم تنصيرها من مسلمي إفريقيا، فيما ازداد تركيز البعض الآخر على التبشير بالمسيحية بين أتباع الديانات التقليدية في القارة، كما اضطر الفاتيكان إلى تأجيل مشروعه لتنصير إفريقيا عام 2000 إلى عام 2010، ثم إلى عام 2015، بل إن كثيرًا من المنظمات الكاثوليكية العاملة في إفريقيا دعت إلى مشروع "لأفرقة منصب بابا الفاتيكان"، وذلك بهدف إنقاذ جهود التنصير في القارة، وبالفعل رشحت تلك المؤسسات القس النيجيري "فرنسيس آرينز" لخلافة بابا الفاتيكان عقب وفاته، وذلك في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.



لكن السؤال الملح هنا : أين الدور اللائق بالدول الاسلامية أفراداً وحكومات ، تجاه هذه 


الأزمة ؟


أين هم المستثمرون العرب الذين يستثمرون أموالهم في دول الغرب ؟ وتملأ أموالهم 


بنوكه ؟؟
اين الملايين التي تنفق في الملاعب ، والملاهي ؟؟


أحد ملاعب قطر الذي أعدته لكأس العالم 2022

أين المليارديرات والمليونيرات العرب ، الذين لو أخرجو زكاة أموالهم فحسب لاصبحت 


أفريقيا حدائق غناء ؟


أين الذين يحجون كل عام وينفقون الافاً مؤلفة في حجات التطوع وعمرات النافلة ؟


أين فقه الأولويات ؟؟؟


بل أين أداء الواجبات ؟؟ 


أين تجنب الاسراف المحرم الذي تغوص فيه فصائل متكاثرة مترفة من ابناء المسلمين 


تكدست الأموال في أيديهم في ذلك الزمان الذي فقدت فيه الأمة قيادة حكيمة تحسن 


توزيع ثرواتها والعدل في أعطايتها ؟؟








أين نبي الله يوسف (القوي الأمين ) ؟؟؟؟ 


أين  الفاروق عمر (أمير المؤمنين ) ؟؟


******************************************************************


عمر الفاروق أمير المؤمنين ومجاعة عام الرمادة :


بدأت هذه المجاعة من أواخر عام 17هـ إلى أول سنة 18هـ، واستمرت لمدة تسعة أشهر.




وقد بلغ من شدة هذه المجاعة : 


الذبائح منتنة وبلا لحم أصلاً :


* أخرج الطبري من خبر عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: "كانت الرمادة جوعاً


 شديداً أصاب الناس بالمدينة وما حولها، حتى جعلت الوحوش تأوي إلى الإنس، 


وحتى جعل الرجل يذبح الشاة فيعافها من قبحها، وإنه لمقفر".




نسي الناس الضحك  والكلام من ذهول وشدة الجوع :


* وقال الحافظ ابن كثير: "وقد روينا أن عمر عسَّ المدينة ذات ليلة عام الرمادة، فلم 


يجد أحداً يضحك، ولا يتحدث الناس في منازلهم على العادة، ولم ير سائلاً يسأل، فسأل 


عن سبب ذلك، فقيل  له: يا أمير المؤمنين، إن السؤَّال سألوا فلم يعطوا، فقطعوا 


السؤال، والناس في هم وضيق فهم لا يتحدثون ولا يضحكون".




كثر عدد اللاجئين : 


* تجمع بالمدينة من غير أهلها حوالي ستين ألفاً من العرب، وبقوا عدة أشهر ليس لهم طعام إلا ما يقدم لهم


 من بيت مال المسلمين، ومن أهل المدينة .




وتأملوا كيف تصرف الفاروق وكيف كانت تدبيراته للأمة ومواقفه :


أول ما لجأ اليه عمر هو (( الله تعالى )) 


فزع الفاروق الى التضرع والدعاء 


 خرج ابن سعد في طبقاته من خبر سليمان بن يسار قال: "خطب عمر بن الخطاب الناس في زمن الرمادة، 

فقال: أيها الناس اتقوا الله في أنفسكم، وفيما غاب عن الناس من أمركم، فقد ابتليت بكم وابتليتم بي، فما أدري 

السخطى عليَّ دونكم، أوعليكم دوني، أوقد عمَّتني وعمَّتكم، فهلموا فندع الله يصلح قلوبنا، وأن يرحمنا، وأن 

يرفع عنا المحل.
قال: فرئي عمر يومئذ رافعاً يديه يدعو الله، ودعا الناس، وبكى وبكى الناس ملياً، ثم نزل".

يتضرع الى الله ألا تهلك الأمة على يديه !! : 
· وأخرج أيضاً ابن سعد من خبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كان عمر بن الخطاب أحدث في عام 

الرمادة أمراً ما كان يفعله، لقد كان يصلي بالناس العشاء، ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون 

آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب، فيطوف عليها، وإني لأسمعه ليلة في السحر وهو يقول: اللهم لا تجعل هلاك 

أمة محمد على يدي".

استسقاء عمر رضي الله عنه :

· خرج عمر مرة يستسقي، فنادى في الناس فأوجز، ثم صلى ركعتين فأوجز، ثم قال: "اللهم عجزت عنا 

أنصارنا، وعجز عنا حولنا وقوتنا، وعجزت عنا أنفسنا، ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم اسقنا وأحيي العباد 

والبلاد".
· وعن خوات بن جبير قال: "خرج عمر يستسقي بهم فصلى ركعتين فقال: اللهم إنا نستغفرك ونستسقيك؛ فما 

برح من مكانه حتى مطروا، فقدم أعراب، فقالوا: يا أمير المؤمنين، بينا نحن في وادينا في ساعة كذا، إذ أظلتنا 

غمامة، فسمعنا منها صوتاً: أتاك الغوث أبا حفص، أتاك الغوث أبا حفص".

· روى ابن أبي الدنيا بسنده إلى الشعبي قال: "خرج عمر يستسقي بالناس، فما زاد على الاستغفار حتى رجع، 

فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما نراك استسقيت! فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يُستنزل بها المطر؛ 

ثم قرأ: "اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا "


ثم قرأ: "وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ"· وروى الطبراني بسنده إلى أنس: "أن عمر خرج يستسقي، 

وخرج بالعباس معه يستسقي بقوله: اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبينا توسلنا إليك بنبينا فتسقنا، وإنا 

نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا؛ قال: فيُسقون".

* من تدابير ومواقف عمر رضي الله عنه


اتخاذ مشرفين ومراقبين على الأغذية وتوزيعها :


من المواقف الخالدة لعمر، والتدبيرات الناجحة له في عام الرمادة، جعل مشرفين وأمراء على كل ناحية من 


نواحي المدينة، يوافونه بحال القوم وحاجتهم، ويجتمعون عنده في كل مساء، ويشرفون على تقسيم المؤن 


والأطعمة، ويتفقدون أحوال كل جهة، حتى لا تتضارب الاختصاصات، ويطمع البعض في حقوق غيرهم.

· أخرج ابن سعد من خبر زيد بن أسلم عن أبيه قال: "لما كان عام الرمادة تجلبت العرب من كل ناحية، فقدموا 



المدينة، فكان عمر بن الخطاب قد أمر رجالاً يقومون عليهم، ويقسمون عليهم أطعمتهم وإدامهم، فكان يزيد بن 


أخت النمر، وكان المِسْوَر بن مخرمة، وكان عبد الرحمن بن عبد القاري، وكان عبد الله بن عتبة بن مسعود.

فكانوا إذا أمسوا اجتمعوا عند عمر، فيخبرونه بكل ما كانوا فيه، وكان كل رجل منهم على ناحية من المدينة، 


وكان الأعراب حلولاً فيما بين رأس الثنية، إلى رابح، إلى بني حارثة، إلى بني عبد الأشهل، إلى البقيع، إلى بني 


قريظة، ومنهم طائفة بناحية بني سلمة، هم محدقون بالمدينة ، فسمعتُ عمر يقول ليلة، وقد تعشى الناس 


عنده: أحصوا من تعشى عندنا؛ فأحصوهم من القابلة، فوجودهم سبعة آلاف رجل؛ وقال: أحصوا العيال الذين 


لا يأتون، والمرضى، والصبيان؛ فأحصوا فوجدوهم أربعين ألفاً.


ثم مكثنا ليالي فزاد الناس، فأمر بهم فأحصوا، فوجد من تعشى عنده عشرة آلاف، والآخرين خمسين ألفاً، فما 


برحوا حتى أرسل الله السماء، فلما مطرت رأيت عمر قد وكل كل قوم من هؤء النفر بناحيتهم يخرجون إلى 


البادية، ويعطونهم قوتاً وحملاناً إلى باديتهم".

يخدم الناس بنفسه وهو أميرهم :

· وفي خبر أبي هريرة الساق أنه رأى عمر عام الرمادة يحمل على ظهره جرابين، وعكة زيت، وأنه ليعتقب 


هو وأسلم، قال: فلما رأيته أخذت أعقبه، فحملنا حتى انتهينا إلى صرار، فإذا صرم نحو عشرين بيتاً من 


محارب، فقال عمر: ما أقدمكم؟ قالوا: الجهد.. فرأيت عمر طرح رداءه ثم اتزر، فما زال يطبخ لهم حتى 


شبعوا، وأرسل إلى المدينة، وجاء بأبعرة فحملهم عليها حتى أنزلهم الجبانة، ثم كساهم، وكان يختلف إليهم 


وإلى غيرهم.



مواساته للرعية في هذه المجاعة


هذا الموقف من أجل وأنبل المواقف التي وقفها عمر في هذا العام، إذ واسى رعيته مواساة كاملة، حيث لم 


يتميز عليهم بشيء قط، حتى أذهب الله عنهم ذلك الكرب، وإليك نماذج من مواساته لرعيته:


أقسم أن يترك السمن واللحم حتى يشبع الناس وتزول شدتهم :


· خرج ابن جرير الطبري بإسناده عن عدد من الشيوخ قالوا: "أصابت الناس في إمارة عمر رضي الله عنه 


سنة بالمدينة وحولها.. فآلى عمر ألا يذوق سمناً، ولا لبناً، ولا لحماً، حتى يحيى الناس من أول الحيا، فكان 


بذلك حتى أحيا الناس من أول الحيا، فقدمت السوق عُكة من سمن ووطب من لبن، فاشتراهما غلام لعمر 


بأربعين، ثم أتى عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، قد أبرَّ الله يمينك، وعظم أجرك، قدم السوق وطب من لبن وعكة 


من سمن، فابتعتهما بأربعين؛ فقال عمر: أغليت بهما، فتصدق بهما، فإني أكره أن آكل إسرافاً؛ وقال: كيف 


يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسسني ما مسهم!".

يرفض أكل اللحم الطيب ويرده على الناس ثم يأكل الزيت والخبز :


· وخرج ابن سعد من خبر عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: "كان عمر يصوم الدهر، قال: فكان 


زمان الرمادة إذا أمسى أتي بخبز قد سرد بالزيت، إلى أن نحروا يوماً من الأيام جزوراً فأطعمها الناس، وغرفوا 


له طيبها، فأتي به، فإذا فدر من سنام ومن كبد، فقال: أنى هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، من الجزور التي نحرنا 


اليوم؛ قال: بخ بخ، بئس الوالي أنا إن أكلت طيبها وأطعمت الناس كراديسها، ارفع هذه الجفنة، هات لنا غير 


هذا الطعام؛ قال: فأتي بخبز وزيت، فجعل يكسر بيده، ويثرد ذلك الخبز، ثم قال: ويحك يا يرفأ! احمل هذه 


الجفنة حتى تأتي بها أهل بيت يثمغ، فإني لم آتهم منذ ثلاثة أيام، فأحسبهم مقفرين، فضعها بين أيديهم".




وبعد


هذه قطرة من بحر عدل الفاروق الغامر ، فليت أثرياء الأمة وحكامها الان يفهمون ، ويقدرون التبعة الثقيلة 


والأمانة الرهيبة التي يتحملونها ،


والأهم من ذلك أن يترك الكثير من عامة الناس سوءَ الفهم الذي يعيش فيه ويرضاه لنفسه حين يظن أن ما فعله 


عمر هذا كان ، ولن يتكرر ، وأننا نحكيه ونقرأه على سبيل التسلي والحكاية ، وهذا  - لعمر الله - من أسوأ ما 


ابتلينا به أن نظن الاقتداء بهؤلاء محالاً ، ولو كان محالاً لما دعانا النبي صلى الله عليه وسلم اليه فقال ( عليكم 


بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ) . الحديث . فإن الشريعة لا تأتي 


بالمحال ..




ختاماً : الى الأمة التي بدأ الدم يتجدد في عروقها ، وبدأت تنهض من كبوتها ، وثارت لتشيد صرح حضارتها 


من جديد : جدير بأمة هذه أهدافها أن تقيم صرحها على أساس العودة الجادة الحميدة الى منهلها الصافي ، 


ومعينها الرقراق : الكتاب والسنة ، 


وأن تتلمس خطا العظماء من سلفنا السابقين الصالحين ، تاركة حجج الشيطان الباطلة ، معرضة عن زينة 


الغرب الكاذبة .. 


افزعوا أيها المسلمون لإغاثة المسلمين في الصومال خاصة وفي أفريقيا عامة ..


ألا تحبون أن يفرج الله عنكم ؟؟


( من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ) الحديث .


وكم في القيامة من كربات 


فرج الله عنا وعنكم أجمعين ..